مقال سيريا بوليتيك

  • نعم لفتح ملفات الجرائم في سوريا.. لكن بداية بجريمة اغتيال الدكتور "عبد الرحمن الشهبندر" !

    08 يونيو 2012 - 11:59 AM : هيئة التحرير
  • نسمع كثيرا عن دعوات لمحاكمات وعدالة، وهذا أمر طبيعي فلا يوجد مصالحة تاريخية في بلد بعد أزمة إلا عبر محاكمة عادلة لكل من اقترف جريمة بحق الشعب السوري.

    لكن هناك جريمة كبيرة في تاريخ سوريا تم التستر عليها من الجميع، باستثناء ابن حماة أكرم الحوراني الذي فضحها: إنها جريمة قتل الزعيم الوطني السوري عبدالرحمن الشهبندر ابن دمشق، الذي تستر المؤرخون والساسة على جريمة قتله الشنيعة، فالكشف عن حقيقة ما جرى في هذه الجريمة كفيل بأن يغير الكثير مما تسمى الحقائق في التاريخ السوري، وتكشف تاريخا قديما من العمالة وقتل الأطباء في العيادات.

    لو سألنا الأجيال السورية الحالية عن الشهبندر، فإن قلة قليلة سمعوا باسمه وهذا كله بسبب تزوير التاريخ السوري، وعملية التزوير لم تبدأ فقط عام 1963 ( البعث تستر عليها) ولكنها بدأت منذ الخمسينات لأسباب عائلية ومالية، وحتى دولية.

    باختصار قتلوا الزعيم الشهبندر ليكونوا هم الزعماء، ولكن كيف ؟!

    سوف نعتمد بما نورده هنا من معلومات على مذكرات أكرم الحوراني الذي مات في منفاه معارضا لنظام حافظ الأسد، لذلك من ينزعج مما سنقوله هنا عليه أن يحتج على مذكرات الحوراني، ونرجو من "المنزعجين" ألا يتهموا الحوراني بأنه كان "شبيحا" !

    من المتعارف عليه وفق ما يسمى "التاريخ السوري" أن رجالات الكتلة الوطنية هم قادة الاستقلال الوطني في سوريا وصانعوه، ولكن لننظر هنا ما قاله الحوراني عن الشهبندر زعيم حزب الشعب: "كان الزعيم الدكتور عبد الرحمن الشهبندر أهم المعارضين لاتجاه الكتلة الوطنية التعاقدي الذي يجعل من سورية منطقة نفوذ فرنسية، يؤيده في ذلك الحركة الشعبية للشباب التي بدأت تتكون في مدينة حماة".

    ويقول " الشهبندر يعارض من منفاه ويدافع عن عروبة لواء الاسكندرون: كانت قضية التسليم بسلخ لواء الاسكندرون أقوى نقاط ارتكاز معارضة الدكتور الشهبندر للكتلة الوطنية وللمعاهدة الفرنسية السورية..".

    وعندما عاد الشهبندر من منفاه استقبلته دمشق "كما لم تستقبل زعيما من قبل"،ويضيف الحوراني "ولكن حكومة الكتلة أصدرت أمرا تعسفيا مخالفا للدستور بفرض الاقامة الجبرية عليه ومنعته من الاختلاط بالناس، ثم اضطرت بسبب الاستنكار الشعبي الى الغاء تدابير الاقامة الجبرية في أوائل تشرين الأول عام 1938".

    يقول الحوراني " في يوم 7/6/ 1940 و بعد انتهاء عملي في المحكمة، حيث كنت أمارس المحاماة، ذهبت إلى مقهى الفندق لتناول طعام الغداء، ولم يكد يستقر مقامي حتى سمعت من إذاعة راديو الشرق نبأ اغتيال الدكتور عبد الرحمن الشهبندر في عيادته بدمشق. فانفجرت باكيا. وكان يجلس قريبا مني الأستاذ هاني السباعي رئيس محكمة البداية بحماه آنذاك ونائب حمص فيما بعد، فأقبل نحوي يسألني مستفسرا، فأخبرته بالنبأ المفجع فاغرورقت عيناه بالدمع أيضا."

    ويقول "وقد تتبعت باهتمام، مع جميع المواطنين، أنباء محاكمة القتلة دون انقطاع وكانت الشبهة تحوم حول اشتراك الشيخ الكتاني، ومشايخ الجمعية الغراء، ورجال الكتلة الوطنية عاصم النائلي وجميل مردم وسعدلله الجابري ولطفي الحفار الذين فروا إلى العراق، ولكن المحكمة العسكرية الفرنسية التي كانت تعقد جلساتها في بناء مجلس النواب برأت ساحتهم جميعا وحكمت بالإعدام على القاتل أحمد عصاصة وعلى شريكيه صالح معتوق وأحمد طرابيشي. وقد نفذ حكم الإعدام فيهم شنقا بتاريخ 3 شباط 1941 . وكان حكم المحكمة الفرنسية مخالفا لقناعة المواطنين."

    وأضاف "التقيت بعد انتخابات 1943 في المجلس النيابي بالنائب عبد الحميد طباع من أعضاء الجمعية الغراء الذي نجح عن دمشق بقائمة شكري القوتلي، وكان يبدو عليه أنه لم يكن يعرف حقيقة آرائي واتجاهاتي، وإنه أنس بي واحبني، وقد حدثني ذات يوم بما يشبه الاعتراف بأن الجمعية الغراء وشكري القوتلي كانوا من المحرضين على اغتيال الشهبندر، فلم أشأ أن استوضحه، ولا أدري إذا كان في كلامه شيء من التحذير لأنه أردف ذلك بقوله: إن الدكتور الشهبندر كان رجلا ملحدا وداعية للسفور وعندها آمنت بصدق حدس الجمهور وأن المحكمة الفرنسية أسدلت الستار على الدافعين لارتكاب هذه الجريمة باستغلال الدين، وباسمه، لاغتيال شيخ الثائرين، الخطيب المفوه، ورجل العلم والثقافة والشجاعة، بواسطة ثلاثة مجرمين "أفينهم" المشايخ باسم الدين... الذين قال عنهم عمر أبو ريشه في حفلة تأبين الشهيد الشهبندر.

    وإذا شيبة الجهاد خضيب            تحت اقدامهم فياللعار
    ومن المبكيات أن تقتل الأحرار    في غير ملعب الأحرار

    ويضيف "الكتلة فعلت عكس ذلك فحرضت مع المشايخ والفرنسيين لاغتيال الدكتور الشهبندر.
    فكانت هذه الجريمة المسمار الأخير في نعش الكتلة الوطنية".

    وانظروا أيضا شكري القوتلي الذي كان أحد رؤوساء الجمهورية في سوريا كيف كان يتعاطى مع عائلة زعيم الثورة السورية سلطان باشا الأطرش، ويهدد بعضهم بالاعتقال وجرهم "مكبلين بالسلاسل".

    يقول الحوراني: كانت الخلافات السياسية مستمرة ما بين شكري القوتلي وسلطان باشا الأطرش الذي كان متعاطفا مع الملك عبد لله والدكتور عبد الرحمن الشهبندر، ومن جهة ثانية فان القوتلي، عندما كان وزيرا للمالية، قد صرح للصحف مهددا عبد الغفار باشا الاطرش بأنه يستطيع سوقه الى السجن "مكبلا بالسلاسل والاغلال" فتحداه عبد الغفار الاطرش ان يفعل ذلك.

    خلاصات:

    - تم قتل عبدالرحمن الشهبندر لأنه عارض فريقا سياسيا في بلده وافق على سلخ لواء الاسكندرون عن سوريا كما عارض اتفاقية تخضع فيها سوريا لسيطرة فرنسية.
    - تم قتل الشهبندر في عيادته ! فهل يذكركم القتل في العيادات بأي شئ يحصل هذه الأيام؟
    - لماذا تم التستر بهذا الشكل على قتل زعيم وطني بوزن الشهبندر ؟ فيما يتهم الحوراني صراحة أن القتلة بعض رجالات الكتلة الذين طالما قرأنا عنهم في كتب التاريخ السوري قصصا طهرانية وخيالية !
    - بعض ما يسمى قادة الاستقلال كان يشكلون الحكومات في وقت الانتداب الفرنسي فيما كان الشهبندر معتقلا في سجن أرواد !
    - يقول الحوراني أن القوتلي تورط في قتل الشهبندر بسبب اتهامه "بالالحاد" ! هل يذكركم هذا الأمر بشئ يحصل هذه الأيام ؟

    خلاصة أخيرة

    هذا الشعب السوري العظيم، حمويا كان أم دمشقيا أم حلبيا، كم عاش وذاق المر وكان ضحية الجرائم والأكاذيب. من يفتح ملف هذه الجرائم عليه أن يكون عادلا ويفتحها كلها منذ مقتل الشهبندر وحتى اليوم، وحجر الأساس جريمة قتل الشهبندر لأنه بني عليها تاريخ أسود من التزوير والأكاذيب.

    رحم الله الزعيم الحموي أكرم الحوراني، والزعيم الدمشقي الشهبندر.. وحمى الله وبارك هذا الشعب السوري الذي كان قدره أن يضحي ويدفع الثمن دائما.
     



مقال سيريا بوليتيك

تابعونا