آراء

  • هيئة التنسيق الوطنية في دائرة الاستهداف

    17 ديسمبر 2012 - 07:12 م : محمود جديد
  • تركت الرؤية السياسية لهيئة التنسيق بصماتها على الساحة السورية والعربية والإقليمية والدولية ، لأنّها استطاعت تشخيص الحالة السورية بدقة وموضوعية ، ولذلك نجد أنّ مبادرة الجامعة العربية الأولى ، والروسية والصينية ، وخطة عنان ، واتفاق جنيف تتقاطع معها ، وما يرجح عن خطة الإبراهيمي المنتظرة ليس بعيداً عنها أيضاً ...
    كما استطاعت أنْ تسلك طريقاً أكثر استقلالية من جميع التشكيلات السياسية الأخرى ، ورفضت أن تكون سلعة للشراء والتداول في البازار السياسي القائم في عواصم عربية أو إقليمية أو أوربية ، وأصرّت قيادتها على البقاء داخل القطر السوري والنضال فيه بشروط وظروف صعبة ، وتعرّض بعض قادتها للاعتقال ولا يزالون ، وإنّني لعلى يقين بأنّ النظام المستبدّ الفاسد يخشى طرحها السياسي أكثر من حملة السلاح ، لأنّ تأثيره وانعكاساته على قواعده وحلفائه في الداخل والخارج تخلق أجواء ضاغطة عليه ، وتضعه في دائرة الإحراج والاختبار ، وتفقده أيّ قدر من المصداقية ، وتعرّيه أكثر فأكثر ...
    ويضاف إلى ذلك كلّه ، إصرار الهيئة على التمويل الذاتي لنشاطاتها ، واعتماد التقشّف في نفقاتها ، وهذا ما حرّرها من التبعية والانقياد لأمراء النفط الذين يسخّرون أموالهم لشراء النفوس المريضة ، وتخريب الانتفاضات والثورات ، وتجييرها لأسيادهم في واشنطن وحلفائها ، وتشويه النضال الوطني الديمقراطي في الوطن العربي ، وتسهيل الطريق أمام الثورات المضادة التي تحرف النضال وتفتح الباب لبدائل أكثر سوءاً من الأنظمة المستبدة الهرمة نفسها و التي فقدت إمكانية الاستمرار ، وتجعل الحراك الشعبي الثوري أكثر عرضة للتشويه ، والاحتواء من أطراف إقليمية ودولية ...
    ولهذه الأسباب مجتمعة تعرّضت هيئة التنسيق لحملات ظالمة مستمرّة بهدف إضعافها ، وشلّ فعاليتها ، وتمزيقها ، وآخرها ما يرشح من محاولة بعض مَنْ طاب لهم المقام في القاهرة وبالتعاون مع الشخصيات التي انسحبت منها سابقاً ، أو التي خرجت عن خطّها السياسي وجذبتها الأضواء والمغريات ، وتحاول اللحاق بركب التشكيلات السياسية المفبركة في مطابخ خليجية وتركية وأوربية وأمريكية من أجل إيجاد موطئ قدم في التوليفة السورية بعد سقوط النظام ، وتبرير بقائها في المرحلة الراهنة بعيداً عن سورية تجنّباً للمخاطر الأمنية المتفاقمة فيها ... وقد ركّزت تلك الأطراف نشاطاتها منذ أشهر وسخّرتها بهدف احتواء هيئة التنسيق وحرفها عن خطها السياسي ، واستهداف رموز مناضلة معروفة بصدقها وجرأتها وشفافيتها ووطنيتها مثل المناضلين : صالح مسلم ، والدكتور هيثم منّاع ، لأنّهما شوكتان في حلق اولئك الذين يريدون بيع هيئة التنسيق في سوق النخاسة الدولية ، وركيزتان أساسيتان في صرح الهيئة ، ولمردودهما النضالي ، وصلابتهما ، وتمسّكهما بالأهداف الوطنية ، ورفضهما التبعية ، والدخول في البورصة السياسية الخليجية والدولية ... وسبق أنْ تلقّت هيئة التنسيق ضغوطاً عربية وإقليمية لاستبعادهما ، ولكنّها رفضت ذلك بشكل قطعي ... وكما عودّتنا التجارب والمحن وعبرها ودروسها فإنّ الشرفاء المناضلين الحقيقيين هم أكثر الناس استهدافاً وتشويهاً ، لأنّهم يشكّلون عقبة كأداء في وجه المخططات المشبوهة ، ولذلك يترتّب على كلّ الأحرار أينما وجدوا أنْ لا يصمتوا ، ويقفوا متفرجين سواء أكانوا ضمن هيئة التنسيق أم خارجها ، وإنّما يجب أنْ يساهم كلّ منّهم في قطع الطريق على منضجي الطبخات غير النظيفة وفضحهم ، كلّ حسب قدراته ، لأنّ استهداف هيئة التنسيق ، و رموز وطنية مناضلة فيها ليست مسألة شخصية مجرّدة ، وإنّما جزء من معركة نضالية واحدة لا تتجزّأ ....ومَن لا يعجبه خط الهيئة ، ويرفض ممارسة حقّه في طرح آرائه وانتقاداته ضمن أطرها التنظيمية .. ويفضّل أماكن أخرى بديلة عنها ، فلا أحداً قادراً على إبقائه ضمنها ، ومن حقّه الاختيار بدون مصادرة اسم الهيئة ، أو السطو عليها واختطافها.



مقال سيريا بوليتيك

آراء

تابعونا